الجبهة الإسلامية لتحرير مورو (MILF) هي جماعة مسلحة إسلامية نشأت في الفلبين، وكان هدفها الأساسي هو الحصول على استقلال أو حكم ذاتي للمسلمين في منطقة مورو (جنوب الفلبين)، وهي منطقة ذات أغلبية مسلمة تاريخياً، حيث يطالب المسلمون في هذه المنطقة بحقوقهم الثقافية والدينية والسياسية في إطار الدولة الفلبينية.
1. التأسيس والنشأة:
- التأسيس: تأسست الجبهة الإسلامية لتحرير مورو في عام 1977، وذلك بعد انشقاق مجموعة من أعضاء الجبهة الوطنية لتحرير مورو (MNLF) بسبب خلافات حول كيفية تحقيق استقلال مسلمي مورو.
- المؤسس: قاد الجبهة الإسلامية لتحرير مورو شخصيات بارزة مثل نور ميسواري في بداياتها، ولكن الجبهة انفصلت لاحقًا عندما قرر مؤسسوها اتباع مسار أكثر تشددًا، مع التركيز على الجهاد ضد الحكومة الفلبينية.
2. الأهداف والمبادئ:
- الهدف الرئيسي: كان الهدف الأساسي للجبهة هو إنشاء دولة إسلامية مستقلة في جنوب الفلبين، وهي منطقة ذات أغلبية مسلمة تعرف تاريخياً بـ "مورو". وكان القتال من أجل الاستقلال يتضمن محاربة الجيش الفلبيني وتحقيق ما يسمى بـ "الحرية السياسية" للمسلمين في المنطقة.
- التوجه الأيديولوجي: اتبعت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو أفكارًا إسلامية جهادية، لكن في مراحل لاحقة، سعت إلى الحلول السياسية بدلاً من استخدام العنف فقط.
3. الأنشطة والصراع:
- الصراع مع الحكومة: قامت الجبهة بعمليات مسلحة ضد الحكومة الفلبينية منذ تأسيسها، مستهدفة القواعد العسكرية، والأهداف الحكومية، والعديد من الهجمات التي أسفرت عن مئات القتلى. استمر هذا الصراع لعدة عقود، وتسبب في معاناة إنسانية كبيرة لسكان المنطقة.
- التواجد الجغرافي: كانت الجبهة تسيطر على مناطق واسعة في جزيرة مينداناو وغيرها من المناطق الجنوبية في الفلبين. ومع مرور الوقت، خفَّضت الجبهة من مستوى العنف وركزت بشكل أكبر على التفاوض.
4. اتفاقات السلام:
اتفاقيات مع الحكومة الفلبينية: في عام 1997، توصلت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو إلى اتفاق مع الحكومة الفلبينية، حيث أُعلن عن وقف لإطلاق النار وعُقدت مفاوضات تهدف إلى تسوية النزاع.
اتفاقية السلام 2014: في عام 2014، بعد مفاوضات مطولة، توصلت الجبهة إلى اتفاق سلام تاريخي مع الحكومة الفلبينية. هذا الاتفاق نص على إنشاء منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم (Bangsamoro Autonomous Region) في جنوب الفلبين، وهي منطقة تتمتع بحكم ذاتي أكبر للمسلمين، مع الالتزام بتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.
قانون بانغسامورو للتمويل الذاتي (BOL): كان الاتفاق جزءًا من مشروع قانون يسمى قانون بانغسامورو للتمويل الذاتي (Bangsamoro Organic Law)، الذي تم تمريره في البرلمان الفلبيني في عام 2018. وقد منح القانون المنطقة الجديدة حكمًا ذاتيًا موسعًا وأدى إلى تشكيل حكومة بانغسامورو الإقليمية، التي تضم ممثلين من الجبهة الإسلامية لتحرير مورو.
5. التحول نحو السلام:
- إعلان وقف إطلاق النار: مع تطور الوضع، بدأت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو في تبني خيار الحل السلمي بدلاً من القتال المسلح. ومنذ توقيع اتفاقية السلام، بدأ عناصر الجبهة في الانخراط في العملية السياسية داخل الحكومة المحلية الجديدة.
- الاندماج في السياسة: بعد الاتفاقات، بدأت الجبهة في التحول إلى حزب سياسي، ولعبت دورًا مؤثرًا في تأسيس حكومة بانغسامورو ذاتية الحكم. العديد من قادة الجبهة أصبحوا جزءًا من الحكومة الإقليمية الجديدة.
6. التحديات والصراعات الداخلية:
- الجماعات المتشددة: رغم توقيع اتفاق السلام، إلا أن هناك بعض الجماعات المسلحة التي لم تلتزم بالاتفاقيات، مثل جماعة أبو سياف، التي استمرت في حمل السلاح وأعمال العنف في المنطقة. هذا خلق تحديات للأمن في جنوب الفلبين.
- الانتقال إلى الحكم الذاتي: عملية تطبيق الاتفاقات واكتساب الحكم الذاتي الكامل في منطقة بانغسامورو كانت محفوفة بالتحديات، بما في ذلك التوترات بين الفصائل المختلفة والمجتمع المحلي، فضلاً عن الحاجة إلى بناء الثقة بين المسلمين وغير المسلمين في المنطقة.
7. الوجود الحالي:
- الأنشطة السياسية: منذ التوصل إلى اتفاق السلام، أصبحت الجبهة الإسلامية لتحرير مورو قوة سياسية رئيسية في المنطقة. قاد قادة الجبهة عملية التحول إلى السياسة من خلال تشكيل حركة بانغسامورو الإسلامية وتأسيس مواقف جديدة في إدارة الحكم المحلي.
- الأثر على الأمن الإقليمي: بفضل الاتفاقات، تراجعت الأعمال المسلحة بشكل كبير، لكن التحديات الأمنية لا تزال قائمة بسبب وجود جماعات متشددة أخرى تحاول زعزعة الاستقرار.
8. المستقبل:
- السلام الدائم: على الرغم من التحديات المستمرة، فإن التوقيع على اتفاق السلام بين الجبهة الإسلامية لتحرير مورو والحكومة الفلبينية يمثل خطوة كبيرة نحو إحلال السلام في المنطقة. أمل العديد من الفلبينيين، بمن فيهم المسلمون في جنوب الفلبين، أن يؤدي هذا إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
- التنمية: تعتمد مستقبل منطقة بانغسامورو إلى حد كبير على النجاح في تطوير البنية التحتية، التعليم، والفرص الاقتصادية في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف الجماعات العرقية والدينية في الفلبين.
خلاصة:
الجبهة الإسلامية لتحرير مورو كانت واحدة من الفصائل المسلحة الرئيسية في النزاع الطويل بين الحكومة الفلبينية والمسلمين في جنوب الفلبين. على الرغم من صراعها المسلح الطويل، فقد تحولت إلى حركة سياسية بعد توقيع اتفاق السلام مع الحكومة الفلبينية، ما مهد الطريق لإنشاء منطقة ذات حكم ذاتي للمسلمين في بانغسامورو. يظل الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة التحديات الكبرى التي ستحدد مصير هذا السلام الهش.